عادةً ما تكون مشاعر الحب مصدراً للسعادة، والاستقرار، والأمان النفسي التي ينشدها طرفا العلاقة مع الشريك، أو التي ينتظرها الفرد من أسرته، أو الصديق من صديقه الصدوق، لكن ماذا لو تحوّلت جميع هذه المشاعر الإيجابية للنقيض؟ وتبدلت لتصبح مشاعر من القلق، والتوتر، وانعدام الثقة بالآخر؟


لا شك في أن مثل هذه الانتقالات المفصلية التي تحدث في كيان العلاقة بسبب خيانة أحد الأطراف للمجموعة، أو للطرف الآخر هي من أصعب ما يمكن أن يحدث للإنسان، وذلك بسبب ما يتركه فيه من ترسبات عاطفية ستؤثر على حياته بأكملها لفترة طويلة إن لم يكن إلى النهاية.


الخيانة في الحياة العاطفية

الخيانة العاطفية

تعني الخيانة التي تقع في علاقة عاطفية تربط بين شخصين انتهاك أحد الطرفين قاعدة من قواعد العلاقة الواضحة بتفاعله مع طرف ثالث خارج حيّز هذه العلاقة بطريقة غير سوية، إذ قد يكون هذا الانتهاك عبارة عن فعل جنسي، أو عاطفي مما يعتبره الطرف الآخر كسراً للثقة، وانتهاكاً للشروط التي اتفقا عليها مسبقاً.[١]


تأثير الخيانة في الحياة العاطفية

تحمل الخيانة العاطفية في ثناياها الكثير من الخيبة، والخذلان والآثار النفسية بعيدة الأمد، ومنها:[٢]

1- اختبار مشاعر نفسية مؤذية

لك أن تتخيل مدى الأذى النفسي الذي يلحقه اكتشاف أحد الأطراف خيانة الشخص المقرّب له، وما يرتبط بذلك من صدمة عاطفية يصعب تجاوزها بسهولة أو خلال وقت قصير، إذ تشير الدراسات إلى أن هؤلاء الأشخاص (الذين تعرضوا للخيانة) يعانون من أعراض نفسية تشبه كثيراً الأعراض التي تترافق مع (اضطراب ما بعد الصدمة)، إذ يعانون من القلق، والارتباك، وانعدام الثقة بالآخرين، والغضب غير المبرر، بالإضافة إلى مشاكل تتمثل بجلد الذات، والشعور بالعار، والاكتئاب وغيرها.


2- الانسحاب من الحياة الاجتماعية

تؤدي مشاعر الحزن والخذلان، ومشاكل الثقة التي يشعر بها الشخص الذي تعرض للخيانة لانسحابه من الحياة الاجتماعية بصورها، وتجنّب الاحتكاك بالناس مجدداً؛ لمحاولة تجنّب أي محفّز أو مثير يذكّره بواقعه الحالي، سواء أكان ذلك عن طريق كلمة تقال على لسان أحدهم، أو صورة يعكسها موقف ما.


3- التأقلم الجسدي الخاطئ مع حادثة الخيانة

يعبّر بعض الأشخاص عن خذلانهم نتيجة ما حدث عن طريق الإفراط في تناول الطعام بكميات كبيرة جداً، أو قلة تناوله مما ينتج عنه مشكلات صحية عديدة، كما تجد البعض يفرط بممارسة الرياضة؛ مما يتسبب في إجهاده.


4- تغيّر في كيمياء الدماغ

لا يقتصر ضرر الخيانة على الجانب النفسي والجسدي وحسب، بل يتعداه إلى التأثير على كيمياء الدماغ، إذ إن مشاعر الحب تحفّز الدماغ على إنتاج المزيد من الدوبامين والأوكسيتوسين المسؤولين عن مشاعر السعادة والارتياح في الوضع الطبيعي، فيما تكمن مشكلة الخيانة الزوجية في تعطيل المسارات التي تسبب إطلاق هذه المواد الكيميائية، وهو ما يفسّر شعور هؤلاء الأشخاص بالألم، والاكتئاب.


تأثير الخيانة على الحياة الأسرية

للخيانة آثار مدمرة تتجاوز الشريكين للأسرة المحيطة بهما، ويتمثل ذلك بالآتي:[٣]

انهيار الثقة داخل الأسرة

يُعتبر الوالدان القدوة الحسنة، والمثل الأعلى للأبناء، وهو ما يجعل حادثة الخيانة تعصف بكيان الأسرة بشكل تام، فيمتد تأثيرها من الطرف الضحية إلى الأبناء، وحتى أصدقاء العائلة نفسها، ويتمثّل ذلك بفقدان ثقة الطرف الضحية بنفسه وبدء التشكيك بها، وفقدان الثقة بالطرف الآخر بعد أن كان يعتبره مصدر أمانه واستقراره النفسي، بالإضافة إلى فقدان ثقة الأبناء في الطرف الخائن، والآخرين عند رؤية رابطة الأسرة تنهار أمامهم.


تدهور التواصل الأسري

ترتكز الأسرة السليمة على علاقات الشفافية والوضوح داخلها، وهو ما تودي به الخيانة، فتتبدل أساليب التواصل الصادق والشفاف لأساليب من الكذب، والخداع، والتبرير مما يعيق القدرة على التعبير عن المشاعر، ويخلق حالة من التوتر والقلق تؤدي إلى تعميق الهوة العاطفية بين الزوجين من جهة، وبين الطرف الخائن والأبناء من جهة أخرى.


مواجهة ضغوط مالية غير محسوبة

يعني الدخول في علاقة غرامية مع طرف ثالث مبالغ إضافية من المال تُنفق عليه، وهو ما يشكّل ضغوطاً مالية إضافية على عاتق الأسرة، وهذا في حال استمرار العلاقة بعد حادثة الخيانة، أما في حال انفصال الزوجين، فإن المبالغ التي ستنفق على إجراءات الطلاق، والنفقة، والأمور القانونية هي موارد كان يمكن توجيهها نحو رفاهية الأسرة ومستقبلها في السابق، وهو ما يزعزع استقرارها المالي، ويؤثر على مستوى معيشة الأفراد فيها.


تأثير الخيانة على الحياة العملية

تضرّ الخيانة بجوانب كثيرة على الصعيد العمل، فتؤثر على الشخص الخائن والضحية في الوقت نفسه، وذلك وفقاً للآتي:[٤]

تأثير الخيانة على الشخص الضحية

  • الخسائر المالية: تؤدي أغلب الخيانات الوظيفية -إن لم يكن كلها- إلى خسائر مادية في الأموال، أو العقارات، أو غيرها لم تكن في الحسبان.
  • فقدان الثقة بالعلاقات المستقبلية: يفقد أغلب ضحايا الخيانة الوظيفية الثقة بالشركاء من حولهم، وفي الشراكات المستقبلية المحتملة نتيجة ما تعرضوا له سابقاً.
  • الإضرار بالسمعة: يحدث الإضرار بالسمعة لحين حلّ اللبس الحاصل نتيجة الأخطاء التي ارتكبها الشريك المخادع مع العملاء أو الموردين أحياناً.


تأثير الخيانة على الشخص الخائن

  • الإضرار بالسمعة: لا شكّ أن الخيانة، وإن ترتب عليها بعض الأرباح المادية (مهما كان حجمها) ستلحق بالشخص الخائن سمعة سيئة ستلاحقه طوال حياته.
  • خسارة ثقة الشركاء والعملاء: تهدم الخيانة صرح الثقة التي استغرق الشخص الخائن بناءه وقتاً طويلاً، فلا يعود أهلاً للثقة بين زملائه، ومدرائه، ومحيط عمله.
  • دخول معارك قانونية لا نهاية لها: يؤدي ارتكاب أحد الأفراد لخيانة ما في إطار العمل إلى ملاحقته قانونياً على الأغلب، مما سيؤثر على كافة تعاملاته الرسمية داخل البلاد وخارجها، ويدخله في معارك قانونية لا نهاية لها.
  • تدني احترام الذات: لا بدّ أن يتأثر الشخص الخائن بما ارتكبه من خيانة على المدى القريب أو البعيد، مما سيجعله فريسة لمشاعر القلق، والندم، والاكتئاب يوماً ما.

المراجع

  1. "Love and Infidelity: Causes and Consequences", ncbi.nlm.nih, Retrieved 24/8/2023. Edited.
  2. "Psychological Effects of Infidelity in Marriage", evolvetherapymn, Retrieved 24/8/2023. Edited.
  3. "5 Negative Effects Adultery Has On A Family", mywellbeing, Retrieved 24/8/2023. Edited.
  4. "Trust, Betrayal, and Business: How to Detect Cheating by your business partner", linkedin, Retrieved 24/8/2023. Edited.