يعد تماسك الأسرة والحفاظ على العلاقات بين أفرادها من أهم مقومات المجتمعات الناجحة، وإننا كثيرًا ما نرى أن المجتمع الذي يُعاني من التفكك الأسري هو أيضًا مجتمع يعاني الكثير من المشاكل الأخلاقية والاجتماعية والسلوكية؛ مثل تعاطي المخدرات والجريمة والتطرف، لذلك وجب علينا توجيه الانتباه إلى صحة العائلة وتماسكها الذي يصب في مصلحة الأفراد ومصلحة المجتمع ككل، كما تُعتبر الأسرة الحاضنة الأساسية في إشباع حاجات الفرد من الحب والحنان والحماية، كما يتلقى فيها الأبناء المبادئ الأساسية في التربية السليمة مثل الاحترام والأخلاق.[١]


عوامل هدم الأسرة

تعد النقاط التالية بعض العوامل التي تؤدي إلى هدم الأسرة:[٢][٣]

  • نمط الشخصية: والتي تعتمد على الجانب الوراثي، وتحدد ردود فعل الشخص للأحداث المختلفة؛ كالطباع والمزاج العام، وقد تنشأ أحيانًا بعض الصراعات بين الزوج والزوجة نتيجة اختلاف العوامل المزاجية أو تشابهها بينهم، فعلى سبيل المثال؛ يعد ارتباط الرجل المسيطر بطبيعته بامرأة مسيطرة عاملًا قد يؤدي لبيئة خصبة للنزاعات الأسرية المستمرة.
  • الأنماط السلوكية: كثير من السلوكيات التي تتشكل لدى الأفراد تكون نتيجة لبيئتهم الاجتماعية، وتعتبر هذه السلوكات قابلة للتغيير في عمر صغير، ولكنها تثبت في مرحلة الزواج، ويصبح تغييرها أكثر صعوبة، ويعد الاختلاف بين الزوج والزوجة الآتي من تنوع البيئة من أكبر الأمور التي تساهم في تشكل النزاع لا سيما عندما تتعلق الاختلافات بينهما بمسائل؛ كالأخلاق والنظافة الشخصية والعناية بالذات، وطرق تربية الأبناء وطرق اتخاذ القرارات.
  • الأنانية: إن التمركز حول الذات والاحتياجات الشخصية، والتي تمنع الزوج أو الزوجة من التنازل قد يحدث صدعًا كبيرًا في الأسرة، وحينها تتصدع العائلة عندما يعطي أحد الطرفين بشكل مستمر، ويكون الطرف الآخر غير مستعد لتقديم التنازلات.
  • السيطرة: فرض شخصية أحد الطرفين وآرائه وخضوع الطرف الآخر هو أمر يؤدي لهدم الأسرة.
  • غياب التفاهم: أن عدم اتفاق الزوجين سويًا، وعدم القدرة على التوصل لحلول ترضي الطرفين يضعف الأسرة على المدى البعيد ويفككها.
  • الانحراف: وجود العادات غير السوية والخارجة عن القانون؛ مثل تعاطي المخدرات وشرب الكحول وارتكاب الجرائم.
  • غياب الوضوح والصراحة: إن انعدام الصدق داخل الأسرة وإخفاء الأمور وعدم الإخلاص يؤدي إلى عدم حل المشكلات وبالتالي هدم الأسرة.
  • غياب العاطفة: تبنى العلاقة الزوجية على الحب والعاطفة، فعند غياب هذا الأساس تبدأ الروابط الأسرية بالانفكاك لغياب الروابط العاطفية القوية بين أفراد العائلة.
  • عدم الإنجاب: من أهم غايات الزواج هو تكوين أسرة وإنجاب الأطفال، قد يكون عدم الإنجاب سبباً من أسباب التفكك الأسري.
  • الطلاق: لا يمكننا الحديث عن هدم الأسرة بدون التطرق لأهم عامل فيها ألا وهو الطلاق، فقد تؤدي المشاكل الاقتصادية والزواج المبكر والمشاكل الصحية وغيرها لحدوث الانفصال بين الزوجين وبالتالي هدم الأسرة.


مظاهر هدم الأسرة وتفككها

فيما يلي ذكر لبعض مظاهر تفكك الأسرة:[٤][٥]

  • حدوث العجز المادي فيها نتيجة للطلاق والهجر والموت.
  • حدوث الخلافات المستمرة وضعف الروابط العاطفية بين الزوجين والتأثير الكبير على شخصية الأبناء وعدم إشباع حاجاتهم.
  • غياب الأخلاق وغياب المبادئ وغياب القيم العليا وغياب السلوكات الإيجابية من صور انهدام الأسرة؛ حيث يصبح سوء الخلق أمرًا عاديًا وطبيعيًا.
  • الإساءة بأنواعها المختلفة؛ مثل الإساءة اللفظية كاستخدام العبارات الجارحة والإساءة الجسدية؛ مثل الضرب، والتعنيف، وإهمال الوالدين، أو أحدهما لحاجات الأطفال كلها من مظاهر التفكك الأسري.


أثر هدم الأسرة وتفككها

توضّح النقاط التالية الآثار الناجمة على الأبناء والزوجين بعد تفكك الأسرة:[٦][٧]

  • الانحرافات السلوكية لدى الأبناء واتجاههم نحو السلوك الإجرامي كنتيجة لغياب الرقابة من قبل الأبوين، وانشغالهم بالتكيف مع دورهم الجديد بعد الانفصال، وهذا يؤثر أيضًا على المجتمع ككل.
  • وقوع الأبناء كضحية للاستغلال من قبل الآخرين مثل الانخراط في بيع الممنوعات والسرقة.
  • التهديد المادي والاقتصادي للأبناء نتيجة لتأثر مصادر الإعالة بعد تفكك الأسرة؛ لأن المرأة قد تضطر للخروج للعمل حينها يتأثر الأبناء أيضًا في حال عدم التزام الأب بدفع نفقاتهم.
  • التأثير السلبي على الصحة الجسدية للرجل والمرأة بعد تفكك الأسرة، حيث أثبتت كثير من الدراسات أن الزواج يؤثر بشكل إيجابي على الصحة الجسدية والنفسية للزوجين، فمثلًا يقل معدل الإصابة بمرض الضغط والسكري عند المتزوجين.
  • التأثير من حيث زيادة مشاعر الغضب والإحباط والوحدة والعزلة لدى الرجل والمرأة بعد تفكك الأسرة.
  • التأثير على تعلم الطفل وتحصيله الأكاديمي بشكل سلبي.


كيفية معالجة انهدام الأسرة وتفككها

يعد تطبيق الممارسات التالية من الأمور المساعدة على علاج التفكك الأسري:[٨]

  • التسامح: إن أول خطوة في علاج الأسر المفككة هو أن يسامح أفرادها بعضهم البعض، وأن يتجاوزوا عن الأخطاء التي حدثت في الماضي، حيث يساعد التسامح على التقليل من الضغط النفسي ومشاعر الغضب.
  • التركيز على الجانب الإيجابي: من المهم أن يرى أفراد العائلة الجانب الإيجابي في بعضهم البعض، وعدم التركيز فقط على الجوانب السلبية، فإن هذا يقرب بينهم بشكل كبير.
  • المبادرة: لا تنتظر الطرف الآخر لكي يبادر في الصلح، بل كن أنت نقطة البداية في تصحيح مسار الأسرة؛ لأن الاعتذار ليس ضعفًا بل يعني أنك تقدس العلاقة الأسرية أكثر من أي شيء آخر.
  • التعاطف: ضع نفسك مكان الشخص الآخر لترى الصورة بشكل أوضح ولتفهمه بشكل أفضل.
  • الإرشاد الأسري: إن مراجعة مرشد أو موجه أسري أمر في غاية الأهمية للمساعدة في علاج الأسر المفككة وتعليم أفرادها مهارات الاتصال الفعال.


نصائح لمكافحة انهدام الأسرة وتفككها

تساعد الخطوات التالية في الوقاية من انهدام الأسر، وتعزيز الروابط بين أفرادها:[٩][١٠]

  • التواصل المنفتح والإيجابي بين أفراد العائلة والذي يتضمن الإصغاء الفعال والاحترام.
  • قضاء وقت عائلي والتحدث سويًا ومشاركة الأفكار والمشاعر وممارسة الأنشطة الممتعة بشكل يومي وروتيني.
  • الالتزام نحو العائلة ووحدتها.
  • حل النزاعات بشكل فعال ومستمر.
  • الحب والاحترام هما أساس التعامل بين أفراد الأسرة الواحدة.
  • الاحتفال بالأيام الخاصة سويًا مثل أعياد الميلاد والأعياد الدينية.
  • تخصيص وقت خاص بين الزوج والزوجة بعيدًا عن الأبناء لتوطيد العلاقة بشكل مستمر.
  • توزيع المسؤوليات وتعزيز الالتزام بها يقوي من ترابط الأسرة.
  • الزيارات المستمرة لأفراد العائلة الممتدة لتعزيز الروابط الأسرية.

المراجع

  1. الدكتورة أسماء بوعيشة ، التفكك الأسري و آثاره الاجتماعیة، صفحة 193. بتصرّف.
  2. Ruksana Saikia , Broken family: Its causes and effects on the development of children, Page 1-2. Edited.
  3. أايديو ليلى ، التفكك الاسري و اثره على البناء النفسي والشخصي للطفل، صفحة 47-49. بتصرّف.
  4. originally published by supportiv, "Is my family dysfunctional?", mental health america, Retrieved 3/8/21. Edited.
  5. أايديو ليلى، التفكك الاسري و اثره على البناء النفسي والشخصي للطفل، صفحة 59-60. بتصرّف.
  6. jane anderson (11/2014), "The impact of family structure on the health of children: Effects of divorce*", national centre for biotechnology information, Retrieved 4/8/21. Edited.
  7. نادية العمرو، التفكك الأسري وعلاقته بانحراف الفتيات في الأردن دراسة مقارنة بين الفتيات المنحرفات وغير المنحرفات، صفحة 9. بتصرّف.
  8. managed health network, Family Feud Repairing Damaged Family Relationships, Page 1-2. Edited.
  9. "BUILDING STRONG FAMILY RELATIONSHIPS", university of delaware, Retrieved 4/8/2021. Edited.
  10. عزيزة جانال، الزواج والحياة الأسرية، صفحة 155. بتصرّف.