شرع الله الزواج كي يكون الوسيلة الوحيدة لاستمرار النسل الآدمي على وجه الأرض، وقد أطّر هذا المفهوم ووضعه في نطاقه الصحيح والواضح، بما فيه من واجبات تقع على عاتق الزوج والزوجة تجاه بعضهما البعض، وحقوق تشعرهما بالإنصاف التام، وقد ظهر نوع من الزواج وسمي زواج المسيار وفقاً لطبيعته ومعناه، وهو ما سيناقشه هذا المقال.


تعريف الزواج المسيار

يعرّف الزواج المسيار وفقاً لبعض أئمة العصر -كونه زواجاً محدثاً لم يتطرق إليه الفقهاء والعلماء القدامى-، على أنّه زواج عادي استوفى شروطه وأركانه، إلّا أنه اختلف عن الزواج العادي في أنّ الزوجة تنازلت فيه عن بعض حقوقها أو حقوق أبنائها الشرعية برضاها التام، مثل حقّها في المسكن، أو المبيت، أو المهر أو غيرها من شروط، وقد سمي هذا النوع من الزواج بهذا الاسم كون الزوج يسير فيه إلى زوجته متى شاء دون إلزام له في المبيت عندها أو المكوث في منزل الزوجية، وغالباً ما يتّسم هذا النوع من الزواج بالسرية لأسباب تتعلق بأحد الزوجين أو كليهما.[١]


أقسام الزواج المسيار

للزواج المسيار أقسام ثلاثة يوجزها ما يأتي:[٢]

  • القسم الأول: يقوم بالاتفاق بين الرجل والمرأة بدون عقد، ولا شهود، ولا ولي، وهذا يتنافى مع مفهوم الزواج ومقصده.
  • القسم الثاني: يتم هذا النوع من الزواج بوجود ولي للزوجة، وشاهدين اثنين، وهنا تتنازل الزوجة عن حقها في المبيت، أو النفقة لاعتقاد منها بأنّ هذه ليست من حقوقها، وهنا يعتبر العقد باطلاً.
  • القسم الثالث: أن يقوم الزواج بوجود ولي للمرأة، وشاهدين اثنين، وفيه تسقط الزوجة حقها بالمبيت والنفقة أو غيرهما مع علم منها بأنهما من حقوقها، بحيث يكون المقصد من هذا الزواج بناء أسرة وقيام بيت زوجية.


دوافع الزواج المسيار

انتشرت ظاهرة الزواج المسيار مؤخرا بشكل ملحوظ، وذلك لأسباب عدة يلخّصها ما يأتي:[٣]

  • رغبة أحد الزوجين أو كليهما في الحفاظ على سرية الزواج أمام الأهل والمجتمع لسبب من الأسباب.
  • ارتفاع نسبة العنوسة في المجتمعات وهو ما يضع المرأة في خانة من المحددات والضغوط التي تُمارس عليها يومياً، ومنها نظرة المجتمع للعانس، حيث يدفعها ذلك للقبول بمثل هذا النوع من الزواج.
  • عدم رغبة أو استطاعة الزوج بالنفقة على الزوجة التي سيتزوجها زواجاً مسياراً.
  • رغبة الرجل بالتعدد، دون التقييد بما يحتّمه عليه التعدد من التزامات يرى نفسه أصغر منها.
  • صعوبة الوضع الاقتصادي الذي قد يحول بين الزوجين وبين إيجاد مأوى لإقامة علاقتهما الزوجية، او دفع مهر، أو ما إلى ذلك من أمور.
  • اتخاذ هذا النوع من الزواج -من قبل البعض- كغطاء لنوايا غير حسنة تتمثل بغش الزوج للزوجة والاستيلاء على جزء، أو كل ثروتها بداعي الرغبة بها وليس بأموالها، وقد يكون ذلك لمصلحة أخرى أيضاً.


أثر الزواج المسيار على المجتمع

تتنافى حقيقة الزواج المسيار مع الغاية من الزواج، وبعض المقاصد الحقيقية منه مثل تحقيق السكن، والمودة، والرحمة، والأمان النفسي لكلا الزوجين، والتي لا تحصل بتردد الزوج على زوجته سراً دون المكوث في بيت الزوجية، وذلك يترتب عليه قيام بيوت متضعضعة وغير مستقرة، بالإضافة إلى أنّ هذا النوع من الزواج سيكون باباً لإفساد معنى الرجولة التي تعني تحمّل المسؤولية الكاملة للبنة الزواج التي يضعها الرجل، وللأسرة التي قرر أن يبنيها، فالرجل الحق لا يضيّع على زوجته مهراً أو حقاً آخر من حقوقها، إذ يعتبر هذا تساهلاً يدفع إلى فساد المجتمع وضياع قيمه مستقبلاً.[٣]


المراجع

  1. عبد الملك بن يوسف ، زواج المسيار دراسة فقهية واجتماعية، صفحة 76. بتصرّف.
  2. عبدالله الرشيدي، زواج المسيار، صفحة 3-4. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أبو القاسم خليفة فرج العاتب، الزواج المسيار بين الإباحة والتحريم، صفحة 4. بتصرّف.