المقدمة
باتت ظاهرة عقوق الوالدين منتشرة بشكل أكبر من السابق في مجتمعاتنا، وإن من صور العقوق ما يدركها الشخص ويراها بشكل جلي فيبتعد عنها، ومنها ما يجهل البعض أنّه صورة من صور العقوق فيمارسه دونما قصد، ومن هنا يأتي هذا المقال ليوضح مفهوم العقوق غير المقصود وصوره.
معنى عقوق الوالدين
يُعرّف عقوق الوالدين بأنّه كل سلوك أو قول باللسان، أو ترك لأمر من الأمور يؤدي إلى أذى يلحق بهما، وقد جعل الله عقوق الوالدين من أكبر الكبائر التي يُحاسب عليها العبد في الدنيا والآخرة، بل وجعل طاعتهما متعلقة بتوحيده والإيمان به عندما قال: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).[١]
مظاهر عقوق الوالدين من غير قصد
لا يقتصر عقوق الوالدين على عدم طاعتهما، ورفع الصوت عليهما وحسب، بل يتعداه إلى الأمور الآتية:[٢][١]
- سبّ الوالدين: يكون عقوق الوالدين بسبهما عن طريق سب والديّ أحد الأشخاص؛ مما يؤدي إلى ردّها بالمثل، وهو ما يجعل الإنسان عاقا بوالديه؛ لأنه كان سبباً في شتمهما.
- التأفف من الوالدين: يعتبر التأفف من الوالدين عند طلبهما أمراً ما، أو عند تكرار تعليمهما استخدام أحد وسائل التكنولوجيا الحديثة اليوم، أو التضجّر منهما عند تكرار أسئلتهما بدل الإجابة عليها، أو عند طلب تكرار الكلام لعدم سماعهما لما قيل بسبب ضعف في السمع أو غيره إحدى صور العقوق.
- التقدّم على الوالدين في الممشى أو المجلس: يعتبر التقدّم على الوالدين أثناء المشي، أو الجلوس أماهما صورة من صور العقوق التي يجب تجنّبها والتوبة عنها.
- التكبّر على الوالدين: يعتبر تهميش الوالدين، وازدراؤهما سواء كان ذلك بالاستهزاء بكلامهما، أو تهميشه، أو النظر إليهما بازدراء، أو بإشاحة النظر عنهما أثناء نظرهما إليك، أو ازدراء آرائهما، أو برود الحديث معهما من صور العقوق.
- تقديم أحد الأشخاص على الوالدين: إنّ تفضيل أحد الأشخاص أيا كان من زوجة، أو ولد، أو صاحب على الوالدين وخصّه بالإنفاق، أو الوقت، أو غيره أحد صور العقوق.
- التنكّر للوالدين: يعمد البعض إلى التنكّر من والديه أمام المجتمع من المعارف والأصدقاء، لا سيما إن كان ذا منصب أو درجة علمية عالية فيما كانوا من البسطاء، متناسياً أنهما أساس رفعته هذه ومنصبه، وهذا ضرب من ضروب العقوق.
- التأخر في الإنفاق على الوالدين: يُعد تأخر الشخص في الإنفاق على والديه المعسرين نوعاً من أنواع العقوق -إن كان قادراً على الإنفاق عليهما-.
- تأجيل طلبات الوالدين: يمكن أن يؤدي انشغال البعض في مسؤوليات الحياة، أو في أداء مهمة ما إلى تأجيل أو نسيان أحد طلبات الوالدين، وهذا يعتبر عقوقاً.
- مقاطعة الوالدين في الحديث: يؤدي عدم احترام حديث الوالدين، ومقاطعتهما أثناءه، أو ملاسنتهما لإثبات صحة وجهة نظر الشخص على حسابهما إلى اعتباره عقوقاً قد يجهله البعض.
آثار عقوق الوالدين على حياة الفرد
على الفرد أن يعلم آثار عقوق الوالدين الوخيمة ليتجنّبه، فالعاق بوالديه إنسان لن يرى التيسير في أمور حياته أبداً، ولا البركة في أمواله، وأولاده، فكما أن الجزاء من جنس العمل لا بدّ أن يعاقب العاق بعقوق أولاده له مستقبلاً، بالإضافة إلى عدم شعور الفرد العاق بالراحة النفسية مهما فعل، وهذا أمر متوقع عند عقوقه لوالديه اللذين أنجباه لهذه الحياة، فكيف تصفو بعقوقهما الحياة!، ومن استغنى عن والديه يحيجه الله دوما للآخرين، ويشعره بالذل أمامهم وأمام نفسه، بالإضافة إلى ما يرافقه من نحس، وتعاسة في أمور حياته جميعها.[١]
أسباب عقوق الوالدين
تتعدد أسباب عقوق الوالدين، وإن كانت تؤدي إلى النتيجة نفسها، ومنها ما يأتي:[٣]
- الجهل بمعنى عقوق الوالدين، وصور هذا العقوق وتفاصيلها.
- عدم أخذ موضوع عقوق الوالدين، وما يترتب عليه من سلبيات تعود على الفرد العاق، وعلى المجتمع على محمل الجد، واعتباره أمراً هيناً.
- الانسياق وراء ما تروّجه بعض وسائل الإعلام في المسلسلات والأفلام وغيرها من أنّ أفراد الأسرة أفراد متكافئون لا فضل للوالدين فيها على الأولاد، والترويج لطريقة جديدة للتعامل معهم.
- التأثر برفقاء السود واتباع طريقتهم في التعامل مع والديهم، وما يترتب عليها ن عقوق ورفع صوت، وعصيان للأوامر وغيرها.
- معاناة بعض الشباب، لا سيما المراهقون من اضطرابات في شخصياتهم سببه اضطهادهم من أفراد جيلهم، أو المجتمع الخارجي يدفعهم لمارسة بعض سلوكات عقوق الوالدين لإثبات ذواتهم، والتنفيس عن كبتهم، وإثبات قوة شخصيتهم بطريقة خاطئة.
- تساهل بعض الآباء في تربية الأبناء وتأثرهم بما يسمعونه عن أساليب التربية الحديثة بشكل خاطئ، وعدم زرع قيمة البر فيهم منذ الصغر.
- التباس الأوليات لدى الشخص، والتي تجعله يفضّل الزوجة وما ترغب فيه، أو الأصحاب وما يريدونه على الوالدين ورضاهما.
ملخّص المقال
يعتبر عقوق الوالدين ظاهراً كان أم خفياً من الأمور التي يجب الرجوع عنها، والتوبة منها لما فيه من إغضاب لله تعالى، وأثر سلبي ينعكس على حياة الفرد كافة، فينال من علاقاته العائلية، ووضعه المادي، والاجتماعي، واحترامه لذاته، وغيرها من الأمور، وإنّ من مظاهر عقوق الوالدين الخفية ما يجب علينا الوقوف عنده لتجنّبه والابتعاد عنه، مثل تهميشهما وازدراء آرائهما، أو التأفف من طلباتهما وتأجيلها، أو تفضيل أحد عليهما، أو التقدّم عليهما في الممشى والمجلس.
أسئلة شائعة عن عقوق الوالدين
- كيف تعرف أنك عاق؟
إن أسأت الأدب، أو قمت بسلوك أو قول يؤذي الوالدين.
- هل العقوق من الكبائر؟
نعم، يعتبر العقوق من الكبائر التي يجب التوبة منها فوراً.
- كيف أتوب من العقوق؟
تكون التوبة من العقوق بالاستغفار من هذا الذنب، والعودة عنه، والندم عليه، ثمّ اتباع جميع الأعمال الصالحة التي تندرج تحت مفهوم بر الوالدين.
- متى يكون العقوق مباحاً؟
تكون عدم طاعة الوالدين متاحة في حالة واحدة فقط، وهي أن يكون في طاعة والديك معصية لله تعالى، هنا يجب عدم طاعتهما.
المراجع
- ^ أ ب ت "من معالم الهدي القرآني في بر الوالدين"، مكتبة الكتب، اطّلع عليه بتاريخ 23/8/2023. بتصرّف.
- ↑ رافع رمضان محمد حسن، المنهج القرآني في وقاية الأبناء من عقوق الوالدين، صفحة 80.
- ↑ صالح المغامسي، دروس الشيخ صالح المغامسي، صفحة 6. بتصرّف.