لا توجد مشكلة مهما تعقدت إلا وكان الحوار هو حلّها الأول، فالحوار الهادئ هو دليل لرقيّ العقليات المتحاورة، وبالحوار يتم محاصرة المشكلة للوصول إلى الحلّ من أسهل الطرق وأقربها، ولا يهرب من الحوار إلا المخطئ وفقير الحجة والمنطق، إذ يعد الحوار بين الزوجين محاولة صادقة للوصول إلى حلّ لمشكلة محددة بغض النظر عن الطرف الذي قدم الحلّ، وذلك من خلال إعطاء كل طرف فرصة للتحدث وإبداء الرأي، والبحث عن نقاط الاتفاق ومساحات الالتقاء.[١]


كيفية الحوار مع الزوج

هناك العديد من الخطوات الواجب اتباعها لحوار ناجح مع الزوج:[٢]

  • اعتماد مبدأ الحوار: بحيث يكون الحوار غاية وليس وسيلة، والتحدث في كل شيء عن أحلامهما وأمانيهما، وعن ذكرياتهما وأفكارهما، وعن مشاكلهما ومسؤولياتهما، ولا يفترض أن يكون الحوار فقط من أجل إيجاد حلول، بل هو فقط من أجل الفضفضة.[٣]
  • التركيز على الحاضر واللحظة الحالية: بمعنى أن يركز الزوجان على اللحظة الآنية، ونسيان ما قبلها، والبدء منها، ولا داعٍ لأي صارف أن يصرفهما عن الموضوع، فكثيراً ما يقود عدم الفهم الحوار حول كلمة خاطئة، أو ماضٍ تذكرناه، أو أخطاء انتهت، والذي بدوره ينهي الحوار نهاية كارثية. 
  • المصارحة وعدم كتمان شيء: إن من أهم خطوات استمرار الحوار الناجح الصراحة، إذ إنها تعني ثقة كل من الزوجين بنفسه وسلوكه، مما يدعوه إلى المصارحة. 
  • الأسلوب الهادئ: يعتبر الأسلوب الهادئ روح الحوار الذي يمده بالطاقة والحيوية. 
  • حوار الزوجين على انفراد: كلما كان الحوار بين الزوجين دون اشتراك طرف آخر كان أقرب للنجاح، وهذه الخطوة إن أهملها الزوجان فاعتمادهما سيكون على الآخرين، وبالتالي انقطاع حبال الحوار بينهما. 
  • لغة التقارب: والتي يتم فيها استخدام مفردات قصيرة وناعمة ورقيقة، وفي باطنها حب وحنان. 
  • البدء بالإيجابيات: وهذه الخطوة لا تقتصر على بداية الحوار، بل على كل مرحلة من مراحل الحوار، ومع كل فكرة، وكل عبارة، فللإيجابية أثر كالسحر الذي يجدد الحوار، ويزيد من بهائه. 
  • التدرج مع الاستمرار: حيث يكون التدرج في النصح، أو المصارحة، أو إبداء الرأي، أو تقديم الحلّ، أو التعبير عن المشاعر، أو إصلاح العيوب، فكل ذلك يساعد على استمرار الحوار، أما إذا ألقى أحد الزوجين بكل ما في جعبته دفعة واحدة فهو كمن يريد أن يتخلص من حوار الطرف الآخر، وغلق باب الحوار. 
  • الحوار ثقافة أسرية: لا بد من غرس هذه الثقافة في كل أفراد الأسرة، وذلك لتكون منهج حياتهم المستقبلية سواء في المجتمع، أو في بيوتهم بعد الزواج. 


أسس الحوار الناجح مع الزوج

هناك مجموعة من الأسس المهمة الواجب اتباعها لخلق حوار ناجح مع الزوج، نذكر منها التالي:[٤]

  • حسن الظن: من أهم أسس الحوار الناجح بين الزوجين حسن الظن ببعضهما البعض، وتجنب تصنيف بعضهما سلباً أو إيجاباً.
  • الكلمات الرقيقة: حيث من المهم في الحوار أن تكون كاسباً للقلب أو للموقف، والذي يحدد ما تستخدمه من ألفاظ، فإن استعمالك للكلمات الرقيقة التي تنفذ إلى القلوب، والتي يجد لها الطرف الآخر حلاوة في نفسه أثراً يجذبه إلى الحوار.
  • الابتسامة والبهجة: من مصادر نجاح الحوار أن يتبادل الزوجان هذه الأجواء المليئة بالبهجة، والتي تقطع الطريق أمام الجدل، وتمنع أي بوادر سيئة نحو الشقاق.
  • لا للتهديد: التهديد ينسف الحوار، ويجعله يسير في غير اتجاهه الصحيح، حيث يبدأ الطرف الآخر بالدفاع عن نفسه أمام التهديد، ويؤدي الوصول الانفعالي لكلا الطرفين إلى نقطة النهاية. 
  • ليست النهاية أن يقنع أحدهما الآخر: فإن كانت قناعة أحدهما للآخر هدفاً، فإن وسائلها كلها تسير نحو الهدف من التسلط والعناد والتصلب على الرأي.
  • سعة الصدر وحسن الاستماع: فعلى الطرف الآخر أن يتقبل ويحسن التلاقي، فإذا تعصب كل منهما لرأيه فلن يزيدهم الحوار إلا احتقاناً وبعداً وجفاءً. 
  • التحلي بالصبر وضبط النفس أثناء الحوار وكظم الغيظ: فإذا أساء أحدهما فلا مانع ولا تقليل من شأنه بالاعتذار. 
  • تجنب قراءة أفكار الطرف الآخر: إذ يجب سؤاله بشكل صريح عما يريد قوله، حيث إن الصراحة والتعبير عما في داخل الشخص يجنبه الوصول إلى مرحلة الانفجار وقول ما يندم عليه لاحقاً.[٥]


أمور تؤدي إلى فشل الحوار مع الزوج

هناك العديد من الأمور التي تؤدي لفشل الحوار مع الزوج، من أهمها ما يلي:[٦][٧]

  • النقد الجارح: أثناء الحوار إذا نقد أحد الزوجين الآخر، فالشخص المنتَقَد لا يستطيع الاستمرار في الكلام بعد ذلك.[٨]
  • التسبيق بمعرفة المشكلة: كأن ترغب الزوجة في مناقشة زوجها بمشكلة حدثت بينهما، فيسبق الزوج حديثها قائلاً؛ (أنا أعرف ما تودين الحديث عنه)، وبذلك يكون قد أغلق باب الحوار.[٩]
  • عدم الإنصات باهتمام: حيث يركز أحد الطرفين على الجزء المتعلق به في الحوار، ويهمل الإنصات للطرف الآخر، حيث من المهم أن تكون مستمعاً جيداً، وتجعل الطرف الآخر يشعر باهتمامك لمشاركة أفكاره.
  • عدم الاحترام: الإنسان مخلوق اجتماعي بفطرته، ومن الطبيعي أن يرغب الإنسان بأن يحظى باحترام الآخرين وتقديرهم لا سيما شريك حياته، فإن الشعور بعدم الاحترام أثناء الحوار كالمقاطعة أو السخرية يعطي الطرف الآخر الشعور بعدم الرضا، وبالتالي الانسحاب من الحوار. 
  • عدم توضيح المقصود: أحياناً يكون أبسط تفسير لفشل الحوار هو فشل أحد الطرفين في التعبير عن رأيه بعبارات واضحة ومفهومة، فمن المنطقي أن الطرف الآخر لن يكون لديه أدنى فكرة عما يتحدث. 
  • عدم التعبير بصدق: يمكن أن يفشل الحوار عندما يرفض أحد الأطراف التعبير عما يشعر به، أو يفكر فيه بصدق، وخاصة عند بعض الأشخاص الخجولين. 
  • المفاهيم الخاطئة: من أكبر عوائق الحوار الزوجي أن يكون لدى الزوجين مفاهيم خاطئة اكتسباها خلال مسيرتهما التربوية، أو من الظروف البيئية، أو وسائل الإعلام، فبعض الرجال يعتقد بأن زوجته لا بد أن تطيعه في كل شيء دون نقاش، وأنه يمكنه اتخاذ القرار دائماً. 
  • الذكريات المؤلمة: من أهم معوقات الحوار الزوجي محاولة انتقاص أحد الطرفين للطرف الآخر، والتقليل من فهمه ورأيه أثناء الحوار، وقد تسبب كلمة طائشة أو تعبير قاس حقداً عميقاً يولد ذكريات مؤلمة لدى الطرفين، فيبتعدان عن الحوار؛ وذلك نتيجة فشل مسبق لبعض الحوارات. 


أهمية الحوار بين الزوجين

تكمن أهمية الحوار بين الزوجين في النقاط التالية:[١٠]

  • معرفة شخصية الطرف الآخر: حيث إن الحوار هو القناة التي تصل أحد الطرفين إلى الآخر، وهو ليس فقط تعبيراً لفظياً، وإنما هو تعبير عن الكيان كله، إذ يعبر فيه الزوجان عن نفسهما بكل خبراتهما الحياتية، والبيئية، والتربوية. 
  • الحوار يقرّب مسافة الخلافات: إذ يجعلها محدودة، ولا تزداد الفجوة التي دائماً يحدثها الخلاف؛ وذلك لأن الحوار هو الطريق الوحيد للتعايش في ظل الخلافات، فهو يعتمد على الإقناع وليس التسلط، ويبتعد عن الكلمات السلبية، ويعتمد على حسن العرض، فبذلك تضيق مساحة الخلافات، ويتواصل الزوجان رغم وجودها. 
  • حلّ المشكلات: حيث يساهم الحوار في إنهاء أو تقليل التوتر الناجم عن المشكلات الأسرية، إذ إن المشكلات لا نهاية لها، والحوار الناضج يعد حلاً للمشكلات حتى لا تتراكم فيصعب حلّها. 
  • الحوار بهدف مستقبل الحياة الأسرية: حيث يصل الحوار بالزوجين إلى تأمين مستقبل مزدهر للأسرة منذ قدوم الأبناء، ومروراً بتسميتهم، وغرس الفضائل فيهم، وتدريبهم على القيم والخلق الحسن، والحرص على تعليمهم وتنمية مواهبهم، ودفعهم إلى مشكلات الحياة واتخاذ القرار، والانطلاق في الحياة، فكل هذه الخطوات تحتاج إلى حوار من أجل تخطيط المستقبل للأبناء. 
  • تجنب المشاحنات والأخطاء والمشكلات: حيث يؤدي الحوار إلى الوقاية من الوقوع في الكثير من الأخطاء التي إن لم تحسم تتحول إلى مشكلات يصعب حلّها، وكذلك يخفف من تراكم المشكلات. 
  • الحوار بين الزوجين يعتبر إحدى محددات التفاعل الزواجي: إذ يعتبر لغة التفاهم التي تنقل أفكار، ومشاعر، وآراء، واتجاهات الأزواج نحو الطرف الآخر، فالحوار الجيد يخلق التواصل الإيجابي بين الزوجين.[١١] 


المراجع

  1. كريم الشاذلي ، إلى حبيبين، صفحة 65-66. بتصرّف.
  2. جمال ماضي، الحوار الزوجي كيف يتحاور الزوجان، صفحة 88-100. بتصرّف.
  3. كريم الشاذلي ، إلى حبيبين، صفحة 72. بتصرّف.
  4. "5 easy ways to communicate better in your relationship ", One love, Retrieved 20/8/2021. Edited.
  5. Anna Johansson (14/10/2016), "5 reasons you're failing to communicate and how to fix it", Insider, Retrieved 20/8/2021. Edited.
  6. عصام زيدان (17/4/2008)، "المعوقات الخمسة للحوار الزوجي الناجح"، طريق الاسلام، اطّلع عليه بتاريخ 20/8/2021. بتصرّف.
  7. محمد ضيف الله محمد آل قاسم القرني ، الاتجاه نحو الحوار الأسري وعلاقته بالتوافق الزواجي لدى عينة من الأزواج في محافظة بلقرن، صفحة 265. بتصرّف.