تشير بعض الدراسات إلى المواضيع التي يتجنب الأزواج الحديث فيها، فهي من أهم مناطق سوء التفاهم بين الزوجين، وعلى الرغم من أنه ليس من السهل أيضاً التعرض للمواضيع طالما حاولنا إخفاءها أو تجاهلها لعدد من السنوات، إلا أن هذا ثمن لا بد من دفعه من أجل علاقة تعيننا على النمو واكتساب المزيد من الحرية والانطلاق، وهنا تكمن الأهمية الكبرى لمهارة الحوار الناجح، حيث تجعل التعرض لهذه المواضيع أمراً مأموناً وسليماً لكلا الزوجين، وتساعد الإنسان الذي اعتاد تجنب الكلام وإخفاء المواضيع على مواجهة هذه المواضيع والمشاعر السلبية التي اعتاد تجنبها بطريقة إيجابية لطيفة.[١]


كيفية الحوار الناجح بين الزوجين

هناك العديد من الخطوات الواجب اتباعها لحوار ناجح بين الزوجين، منها:[٢]

  • التفريق بين الخطأ والصواب: إن أول خطوة من خطوات نجاح الحوار هي تحديد أولاً الفرق بين الخطأ والصواب ليضمن لنا بداية صحيحة لمواصلة حوار ناجح، فالبداية الخاطئة تأتي بنهاية فاجعة، والبداية المغشوشة تأتي بنهاية كارثية، وذلك بعدم البدء في الحوار إلا بعد الحصول على المعلومات الحقيقية، والتأكد من الدوافع العاطفية الخفيّة لكلا الطرفين.
  • التركيز على الحاضر واللحظة الحالية: بمعنى أن يركّز الزوجان على اللحظة الآنية ونسيان ما قبلها والبدء منها، ولا داعٍ لأي صارف أن يصرفهما عن الموضوع، فكثيراً ما يقود عدم الفهم إلى قول كلمة خاطئة، أو ماضٍ قديم، أو أخطاء انتهت، والذي بدوره ينهي الحوار بنهاية كارثية.
  • المصارحة والكلام المنتقى: إن من أهم خطوات استمرار الحوار الناجح الصراحة والكلام المنتقى، إذ إنها تعني ثقة كل من الزوجين بنفسه وسلوكه، مما يدعوه إلى المصارحة.
  • الأسلوب الهادئ: يعتبر الأسلوب الهادئ روح الحوار الذي يمده بالطاقة والحيوية.
  • الانفراد، وليس أمام أحد: كلما كان الحوار بين الزوجين دون اشتراك طرف آخر كان أقرب للنجاح، وإن أهمل الزوجان هذه الخطوة فاعتمادهما سيكون على الآخرين، وبالتالي انقطاع حبل الحوار بينهما.
  • لغة التقارب: والتي يتم فيها استخدام مفردات قصيرة، ناعمة ورقيقة، وفي باطنها حب وحنان.
  • البدء بالإيجابيات: وهذه الخطوة لا تقتصر على بداية الحوار، بل على كل مرحلة من مراحل الحوار، ومع كل فكرة، وكل عبارة، فللإيجابية أثر كالسحر الذي يجدد الحوار، ويزيد من بهائه.
  • التدرج مع الاستمرار: حيث التدرج في النصح، أو المصارحة، أو إبداء الرأي، أو تقديم الحلّ، أو التعبير عن المشاعر، أو إصلاح العيوب، فكل ذلك يساعد على استمرار الحوار، أما أن يلقي أحد الزوجين بكل ما في جعبته دفعة واحدة فهو كمن يريد أن يتخلص من حوار الطرف الآخر، وغلق باب الحوار.
  • الحوار ثقافة أسرية: لا بد من غرس هذه الثقافة في كل أفراد الأسرة لتكون منهج حياتهم المستقبلية سواء في المجتمع، أو في بيوتهم بعد الزواج.


أسس الحوار الناجح بين الزوجين

هناك مجموعة من الأسس المهمة الواجب اتباعها لخلق حوار ناجح بين الزوجين، نذكر منها التالي:[٣]

  • حسن الظن: من أهم أسس الحوار الناجح بين الزوجين حسن ظنهما ببعضهما البعض، فيبتعدان عن تصنيف بعضهما سلباً أو إيجاباً؛ وذلك لأنه القيد الذي أوقف الكثير من العلاقات الرائعة بعد أن عصف بكل حوار جميل.
  • الكلمات الرقيقة: حيث من المهم في الحوار أن تكون كاسباً للقلب أو للموقف، والذي يحدد ذلك ما تستخدمه من ألفاظ، إذ إن استعمالك للكلمات الرقيقة التي تنفذ إلى القلوب يجد لها الطرف الآخر حلاوة في نفسه، وأثراً يجذبه إلى الحوار، وتشده إلى التواصل.
  • أحب الأسماء: إذ إن أحب الأسماء لكل من الزوجين هو اسم كل منهما، ومناداته بأحب الأسماء إليه من أهم وسائل نجاح الحوار، ولو استعملت لقباً يحبه لكان أبلغ في التأثير.
  • الابتسامة والبهجة: من مصادر نجاح الحوار أن يتبادل الزوجان هذه الأجواء المليئة بالبهجة، والتي تقطع الطريق أمام الجدل، وتمنع أي بوادر سيئة نحو الشقاق.
  • خفض الصوت: الالتزام بخفض الصوت قدر الإمكان أثناء الحوار، فللهدوء تأثير قوي في تحسين نمط الحوار والتواصل بين الزوجين.
  • لا للتهديد: التهديد ينسف الحوار، ويجعله يسير في غير اتجاهه الصحيح، حيث يبدأ الطرف الآخر بالدفاع عن نفسه أمام التهديد، ويؤدي الوصول الانفعالي لكلا الطرفين إلى نقطة النهاية.
  • ليست النهاية أن يقنع أحدهما الآخر: فإن كانت قناعة أحدهما للآخر هدفاً، فإن وسائلها كلها تسير نحو الهدف من التسلط والعناد والتصلب على الرأي، لذلك لا بد للزوجين منذ بداية الحوار أن يطردوا هذا الأمر من تفكيرهما.
  • سعة الصدر وحسن الاستماع: وعلى الطرف الآخر أن يتقبل ويحسن التلاقي، فإذا تعصب كل منهما لرأيه فلن يزيدهم الحوار إلا احتقاناً، وبعداً، وجفاءً.[٤]
  • التحلي بالصبر وضبط النفس أثناء الحوار: فإذا أساء أحدهما للآخر فلا مانع ولا تقليل من شأنه بالاعتذار.[٤]


نصائح لحوار ناجح بين الزوجين

هناك العديد من النصائح التي نستطيع من خلالها الحصول على حوار ناجح بين الزوجين:[٥]

  • الانتباه إلى لغة الجسد، إذ تشير الدراسات إلى أن 55% من كيفية فهم الحديث تنبع من فهم تعابير الوجه.
  • التفكير في ما يقوله الشريك، وإعادة صياغة ما يفهم من كلامه، حيث يتم الإثبات له أنه مسموع بشكل جيد، وتقليل سوء التفاهم بين الزوجين.
  • طرح الأسئلة بدلاً من تقديم النصائح، إذ تؤدي النصائح إلى ردة فعل دفاعية من الطرف الآخر، بينما الأسئلة لا تفعل ذلك.
  • الابتعاد عن التحدث لوقت طويل عن نفسك، فهذا يعطي الشريك انطباعاً أنك تريد السيطرة على الحوار.
  • محاولة دعم الحوار بأفكار عميقة وذات جدوى بدلاً من القيل والقال.
  • التحلي بالصبر، إذ إن الحوار الناجح هو مهارة تتطور بمرور الوقت.
  • ترك الهاتف أو أي أمور أخرى تلهيك وقت الحوار جانباً، والاهتمام بموضوع الحوار.


أمور تؤدي إلى فشل الحوار بين الزوجين

هناك العديد من الأمور التي تؤدي إلى فشل الحوار بين الزوجين، من أهمها ما يلي:[٦][٧]

  • عدم الإنصات باهتمام: حيث يركز أحد الطرفين على الجزء المتعلق به في الحوار، ويهمل الإنصات للطرف الآخر، إذ من المهم أن تكون مستمعاً جيداً، وتجعل الطرف الآخر يشعر باهتمامك لمشاركة أفكاره، ويؤدي الاستماع باهتمام كذلك إلى منع المقاطعة والعادات الأخرى التي يمكن أن تتداخل مع النمط الطبيعي للحوار.
  • عدم الاحترام: الإنسان مخلوق اجتماعي بفطرته، ومن الطبيعي أن يرغب بأن يحظى باحترام الآخرين وتقديرهم لا سيما شريك حياته، فإن الشعور بعدم الاحترام أثناء الحوار كالمقاطعة أو السخرية يعطي الطرف الآخر الشعور بعدم الرضا، وبالتالي الانسحاب من الحوار.
  • عدم توضيح المقصود: أحياناً يكون أبسط تفسير لفشل الحوار هو فشل أحد الطرفين في التعبير عن رأيه بعبارات واضحة ومفهومة، فمن المنطقي أن الطرف الآخر لن يكون لديه أدنى فكرة عما يتحدث.
  • عدم التعبير بصدق: يمكن أن يفشل الحوار عندما يرفض أحد الأطراف التعبير عما يشعر به، أو يفكر فيه بصدق، خاصة عند بعض الأشخاص الخجولين.
  • عدم القدرة على التفاوض وتقبل الرأي الآخر: إذ تعتمد المحادثة الناجحة على شخصين على استعداد للتوصل إلى نتيجة ترضي الطرفين.
  • المفاهيم الخاطئة: من أكبر العوائق أمام الحوار الزوجي الناجح أن يكون لدى الزوجين مفاهيم خاطئة اكتسباها خلال مسيرتهما التربوية، أو من الظروف البيئية، أو وسائل الإعلام، فبعض الرجال يعتقد بأن زوجته لا بد أن تطيعه في كل شيء من غير نقاش، وأنه يمكنه اتخاذ القرار دائماً.
  • الذكريات المؤلمة: من أهم معوقات الحوار الزوجي محاولة انتقاص أحد الطرفين للطرف الآخر والتقليل من فهمه ورأيه أثناء الحوار، وقد تسبب كلمة طائشة أو تعبير قاسٍ حقداً عميقاً يولد ذكريات مؤلمة لدى الطرفين، فيؤثران ما يظنان أن فيه السلامة، ويبتعدان عن الحوار نتيجة فشل مسبق لبعض الحوارات.


أهمية الحوار بين الزوجين

فيما يلي بعض النقاط التي توضح أهمية الحوار بين الزوجين:[٨]

  • معرفة شخصية الطرف الآخر: إذ يعد الحوار هو القناة التي تصل أحد الطرفين إلى الآخر، وهو ليس فقط تعبيراً لفظياً، وإنما تعبيرًا عن الكيان كله، فيعبر فيه الزوجان عن نفسهما بكل خبراتهما الحياتية والبيئية والتربوية.
  • الحوار يقرب مسافة الخلافات: كما يجعلها محدودة، حيث لا تزداد الفجوة التي دائماً يحدثها الخلافح، وذلك لأن الحوار هو الطريق الوحيد للتعايش في ظل الخلافات، فهو يعتمد على الإقناع وليس التسلط، ويبتعد عن الكلمات السلبية، ويعتمد على حسن العرض، فبذلك تضيق مساحة الخلافات، ويتواصل الزوجان رغم وجودها.
  • حلّ المشكلات: إذ يساهم الحوار في إنهاء أو تقليل التوتر الناجم عن المشكلات الأسرية، وحيث إن المشكلات لا نهاية لها، فإن الحوار الناضج يأتي حلّاً للمشكلات حتى لا تتراكم فيصعب حلّها.
  • الحوار في مستقبل الحياة الأسرية: حيث يصل الحوار بالزوجين إلى تأمين مستقبل مزدهر للأسرة منذ قدوم الأبناء، مروراً بتسميتهم، وغرس الفضائل فيهم، وتدريبهم على القيم والخلق الحسن، والحرص على تعليمهم وتنمية مواهبهم، ودفعهم إلى مشكلات الحياة واتخاذ القرار، والانطلاق في الحياة، فكل هذه الخطوات تحتاج إلى حوار من أجل تخطيط المستقبل للأبناء.
  • تجنب المشاحنات والأخطاء والمشكلات: حيث يؤدي الحوار إلى الوقاية من الوقوع في كثير من الأخطاء التي إن لم تحسم تتحول إلى مشكلات يصعب حلّها، وكذلك الحوار يخفف من تراكم المشكلات.
  • الحوار بين الزوجين يعتبر إحدى محددات التفاعل الزواجي: ويعتبر لغة التفاهم التي تنقل أفكار، ومشاعر، وآراء، واتجاهات الأزواج نحو الطرف الآخر، فالحوار الجيد يخلق التواصل الإيجابي بين الزوجين.[٩]


المراجع

  1. الدكتور مأمون مبيض، التفاهم في الحياة الزوجية، صفحة 138. بتصرّف.
  2. جمال ماضي، الحوار الزوجي كيف يتحاور الزوجان، صفحة 88-100. بتصرّف.
  3. ^ أ ب أميمة الجابر (20/5/2014)، "فن الحوار بين الزوجين "، طريق الاسلام، اطّلع عليه بتاريخ 11/8/2021. بتصرّف.
  4. "How to have more meaningful conversations ", Daily info graphic , Retrieved 11/8/2021. Edited.
  5. Anna Johansson (14/10/2016), "5 reasons you're failing to communicate and how to fixed it ", Insider, Retrieved 11/8/2021. Edited.
  6. عصام زيدان (17/4/2008)، "المعوقات الخمسة للحوار الزوجي الناجح"، طريق الاسلام، اطّلع عليه بتاريخ 11/8/2021. بتصرّف.
  7. محمد ضيف الله محمد آل قاسم القرني ، الاتجاه نحو الحوار الأسري وعلاقته بالتوافق الزواجي لدى عينة من الأزواج في محافظة بلقرن، صفحة 265. بتصرّف.