يعتبر زواج القاصرات انتهاكًا لحقوق الإنسان، وممارسة ضارة تؤثر بشكل غير مناسب على الفتيات على مستوى العالم، مما يمنعهن من عيش حياتهن بطريقة سوية، ويعطل تعليمهن، ويجعلهن أكثر عرضة للعنف والتمييز وسوء المعاملة.[١]


مفهوم القاصر

القاصر هو مصطلح قانوني يدل على الطفل الصغير الذي لم يبلغ سن الثامنة عشر من عمره؛ وهو سن الرشد، والسنة في القانون هي السنة الميلادية، فلا نقول عنه راشدًا إلا إذا أنهى السنة الثامنة عشر وليس بدايتها.[٢]


أسباب ودوافع زواج القاصرات

هناك العديد من الأسباب والدوافع وراء زواج القاصرات، وهي على النحو الآتي:[٣]

  • عدم المساواة بين الجنسين: حيث تعتبر الفتيات كدرجة ثانية بعد الذكور في المعاملة، وحرمانهن من حقوقهن الإنسانية، والتحكم في سلوك الفتاة وملابسها، وأين تذهب، ومن ومتى تتزوج.
  • الأعراف والتقاليد الاجتماعية: تهدف الأعراف الاجتماعية إلى السيطرة على الحياة الجنسية للفتيات، والحفاظ على التقاليد القديمة والذي يعتبر زواج الأطفال من أبرز هذه التقاليد، والذي أصبح مع الوقت أمرًا طبيعيًا ومقبولًا.
  • الفقر: عند المعاناة من الفقر المدقع، ترى بعض الأسر وأحيانًا الفتيات أنفسهن أن الزواج وسيلة لتقليل التكاليف على الأسرة، وكسب الأمان المالي.
  • انعدام الأمن: إن الأزمات الناجمة عن الصراع والعنف والحروب -بما في ذلك التغير المناخي وتفشي الأمراض- والجوع والفقر تزيد من الدوافع لزواج القاصرات، حيث تعتبر العائلات أن تزويج بناتهم القاصرات سيحميهن من التعرض لهذه الظروف.


الأضرار الصحية والنفسية لزواج القاصرات

هناك الكثير من الأضرار الصحية والنفسية المترتبة على زواج القاصرات، ومن أهمها ما يلي:[٤]

  • حدوث اضطرابات في الدورة الشهرية لدى القاصر، وتأخر الحمل، وقد تعاني من الكثير من الكدمات في مناطق مختلفة من جسدها، وخصوصًا الأعضاء التناسلية نتيجة العنف الجنسي.
  • خطر حدوث انقباضات رحمية متكررة قد تؤدي إلى نزيف مهبلي، أو إلى الولادة المبكرة نتيجة عدم تأقلم الرحم مع الحمل.
  • ارتفاع معدلات الإصابة بهشاشة العظام في سن مبكرة نتيجة نقص الكلس.
  • خطر حدوث الإجهاض نتيجة حالات القيء المستمر المرافق لحدوث الحمل وفقر الدم ومشاكل التغذية والافتقار للرعاية الصحية.
  • ارتفاع حاد في ضغط الدم؛ مما يؤدي إلى فشل كلوي ونزيف.
  • ارتفاع عدد الوفيات من القاصرات نتيجة المضاعفات المختلفة للحمل، وكذلك ازدياد عدد العمليات القيصرية نتيجة تعسر الولادات.
  • انتشار تشوهات عظمية في الحوض والعمود الفقري بسبب الحمل المبكر.
  • حرمان القاصر من حقها الطبيعي من الحنان العاطفي من الوالدين، وعيش مرحلة الطفولة بسلام.
  • تعرض القاصر إلى أمراض نفسية مثل الهستيريا والفصام والاكتئاب والقلق نتيجة الضغوط التي تمر بها.
  • اضطرابات في العلاقة الجنسية بين الزوجين، بفعل عدم إدراك الطفلة القاصر لطبيعة العلاقة.
  • عدم تكيف القاصر مع الزواج جراء المشاكل المستمرة، وعدم تفهمها لما يعنيه الزواج ومسؤولية الأسرة.


الآثار الاجتماعية لزواج القاصرات

يؤدي الزواج المبكر للقاصرات إلى عدة آثار اجتماعية نتيجة عدم وعي الزوجين الكافي بمؤسسة الزواج وبناء الأسرة، ومن أهمها ما يلي:[٥]

  • انخفاض المستوى التعليمي: حيث إن الزواج المبكر يحول دون مواصلة الفتاة تعليمها، حيث ترفض الكثير من المجتمعات فكرة ذهاب فتاة متزوجة إلى المدرسة، وقد يرفض الزوج ذلك، بالإضافة إلى أن أداء متطلبات الحياة الزوجية، أو حدوث الحمل يشكل عائقًا إضافيًا يحول دون مواصلتها تعليمها.
  • انتشار الفقر: إن الزواج المبكر يعيق تحقيق مستويات تعليمية أعلى، وبالتالي يعيق فكرة العمل لدى هذه الفئة، ويؤدي ذلك إلى عدم الاستقرار المادي، لذا فالزواج المبكر والفقر مشكلتان متلازمتان.
  • انتشار العنف الأسري: عادة ما ينشأ الزواج المبكر بين طرفين بينهما فرق كبير في السن؛ مما يسبب فجوة بينهما، مما يسبب أزمة في العلاقة الزوجية، وهذا إحدى مسببات العنف الأسري، حيث تشير الدراسات إلى أن 50% من الفتيات اللاتي تزوجن دون سن الثامنة عشر يتعرضن للعنف البدني والجنسي من قبل الزوج.


دور المنظمات في الحد من زواج القاصرات

تقوم المنظمات العالمية والمحلية بدورها في الحد من زواج القاصرات والذي يتلخص في الآتي:[٦][٧]

  • منظمة اليونيسف لحماية حقوق الأطفال: يتطلّب علاج مشكلة زواج الأطفال الاعتراف بالعوامل المختلفة التي تؤدي إلى استمرار هذا السلوك، وتختلف جذور هذا السلوك باختلاف البلدان والثقافات، فإن الفقر ونقص الفرص التعليمية، وقلة الرعاية الصحية تؤدي إلى استمراريته، حيث تزوج بعض العائلات بناتهن مبكرًا للتخفيف من العبء الاقتصادي أو لكسب الدخل، في حين تفعل ذلك عائلات أخرى؛ لأنهم يظنون أنهم سيؤمنون مستقبل بناتهم وحمايتهن، وقد ساهمت منظمة اليونيسيف بحل المشكلة عن طريق التالي:
  • تتمتع اليونيسف بوضع مميز يمكنها من علاج بعض العوامل الكامنة التي تشكل خطرًا على الصحة الإنجابية وحقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين لأن اليونيسف، وذلك لكونها تعمل مع مجموعة كبيرة من الجهات المعنية؛ بدءًا من المنظمات المجتمعية الشعبية وصولًا إلى صانعي القرار.
  • أطلقت اليونيسف البرنامج العالمي للقضاء على زواج الأطفال بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للإسكان في عام 2016، وقد وصل برنامج تمكين الفتيات المراهقات ودعمهن أمام خطر الزواج، أو الفتيات اللواتي تزوجن أصلًا إلى أكثر من 7.9 ملايين فتاة مراهقة خلال مرحلته الأولى (2016-2019) وقدم لهن التدريب على مهارات الحياة والدعم للذهاب إلى المدرسة.


  • مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة: يرى مجلس حقوق الإنسان أن الممارسات الثقافية التمييزية على أساس الآراء التقليدية لأدوار المرأة والناحية الجنسية من بين الأسباب الأساسية لزواج الأطفال والزواج القسري، وأن الآباء قد يشعرون أن الزواج المبكر هو طريقة لمنع العلاقات قبل الزواج التي من شأنها جلب العار للأهل، وأن الفقر وانعدام الأمن وغيرها تعد من العوامل المساهمة الرئيسية، حيث ينظر للزواج على أساس كونه وسيلة لضمان السلامة، والكفاية الاقتصادية للفتيات والنساء، وقد وضع المجلس مجموعة من السياسات والخطط لحل هذه المشكلة تشمل ما يلي:[٨]
  • وضع إطار قانوني وطني يتماشى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك سن الرشد والسن القانونية لزواج الفتيات، وحظر الزواج القسري، وتسجيل حالات المواليد والزواج.
  • تعزيز فرص حصول الفتيات على تعليم عالي الجودة، وخصوصًا للفتيات اللواتي يجبرن على ترك المدرسة بسبب الزواج أو الولادة، وقد تبيّن أن توفير الدعم الاقتصادي والحوافز للفتيات اللواتي يلتحقن بالمدرسة، ولأسرهن فعالية في تمكين الفتيات من مواصلة التعليم العالي، وتأخير الزواج.
  • تشجيع إنشاء شبكات لتيسير تبادل المعلومات بين الفتيات بشأن ممارسة زواج الأطفال والزواج المبكر والقسري، عن طريق استخدام تكنولوجيا حديثة.
  • توفير موارد مالية كافية، وتوفير الدعم للبرامج الشاملة الهادفة إلى التصدي لممارسة تزويج الأطفال والزواج المبكر والقسري.

المراجع

  1. and forced marriage, including,from all forms of violence. "Child and forced marriage including in humanitarian settings", United nations human rights , Retrieved 17/7/2021. Edited.
  2. "القاصر في القانون "، حماة الحق، اطّلع عليه بتاريخ 17/7/2021. بتصرّف.
  3. "About child marriage ", Girls not brides , Retrieved 17/7/2021. Edited.
  4. الحملة الوطنية لحماية القاصرات من الزواج المبكر ، حماية القاصرات من الزواج المبكر الواقع والمرتجى، صفحة 27-28. بتصرّف.
  5. "What are the long-term impacts of child marriage? Your questions answered ", Equality now, 17/5/2019, Retrieved 17/7/2021. Edited.
  6. "زواج الأطفال "، اليونيسف، اطّلع عليه بتاريخ 17/7/2021. بتصرّف.
  7. "الزواج المبكر والقسري : حلقة نقاش واسعة في مجلس حقوق الإنسان "، الأمم المتحدة ، 24/6/2014، اطّلع عليه بتاريخ 17/7/2021. بتصرّف.
  8. ، التقرير السنوي لمفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان، صفحة 23-25. بتصرّف.