الزواج المبكر: مفهومه، وأسبابه والحلول

تعتبر ظاهرة الزواج المبكر من الظواهر شديدة الانتشار في الوطن العربي، ومن الظواهر التي لاقت اهتماماً كبيراً في الآونة الأخيرة لما فيه من انتهاك لحقوق الإنسان وحقوق الطفل خاصة، فالزواج المبكر يحرم الكثير من الأطفال من حقوقهم الأساسية؛ كحق التعليم، وحق الحماية من جميع أنواع وأشكال العنف الجسدي واللفظي والجنسي، والحق في التمتع بصحة جيدة.

مفهوم الزواج المبكر

الزواج المبكر هو الزواج الذي يكون فيه أحد الطرفين على الأقل طفلاً، وتبعًا لاتفاقية حقوق الطفل، فإن الطفل هو من لم يتجاوز 18 من عمره ما لم يبلغ سنّ الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه، ويعتبر الزواج المبكر نوعاً من أنواع الزواج القسري، وهو أي زواج يحدث دون موافقة أحد الطرفين، أو موافقة الطرفين معاً موافقة تامة وحرة، وحين لا تكون لدى أحد الطرفين أو الطرفين معاً القدرة على إنهاء الزواج أو الانفصال لأسباب منها؛ الإكراه أو الضغط الاجتماعي أو الأسري الشديد.^[١]

أسباب الزواج المبكر

هناك العديد من الأسباب وراء الزواج المبكر، وهي على النحو الآتي:^[٢]

• الأعراف والتقاليد الاجتماعية: تهدف الأعراف الاجتماعية إلى السيطرة على الحياة الجنسية للفتيات، والحفاظ على التقاليد القديمة والذي يعتبر زواج الأطفال من أبرز هذه التقاليد، وقد أصبح مع الوقت أمراً طبيعياً ومقبولاً.
• الفقر: عند المعاناة من الفقر المدقع، ترى بعض الأسر وأحياناً الفتيات أنفسهن أن الزواج وسيلة لتقليل التكاليف على الأسرة وكسب الأمان المالي.
• انعدام الأمن: نتيجة الأزمات الناجمة عن الصراع والعنف والحروب، بالإضافة إلى التغير المناخي، وتفشي الأمراض، والجوع، والفقر، حيث تزيد من الدوافع لزواج القاصرات، وتعتبر العائلات أن تزويج القاصرات سيحميهن من التعرض لهذه الظروف.
• عدم المساواة بين الجنسين: حيث تعتبر الفتيات كدرجة ثانية بعد الذكور في المعاملة، وحرمانهن من حقوقهن الإنسانية، والتحكم في سلوك الفتاة وملابسها، وأين تذهب، ومن ومتى تتزوج.

آثار الزواج المبكر

الآثار الاجتماعية للزواج المبكر

يؤدي الزواج المبكر إلى عدة آثار اجتماعية نتيجة عدم وعي الزوجين الكافي بمؤسسة الزواج وبناء الأسرة، من أهمها ما يلي:^[٣]

• انخفاض المستوى التعليمي: حيث إن الزواج المبكر يحول دون مواصلة الفتاة تعليمها، إذ ترفض الكثير من المجتمعات فكرة ذهاب فتاة متزوجة إلى المدرسة، وقد يرفض الزوج ذلك، بالإضافة إلى أن أداء متطلبات الحياة الزوجية، أو حدوث الحمل يشكل عائقاً إضافياً يحول دون مواصلتها تعليمها.
• انتشار الفقر: إن الزواج المبكر يعيق تحقيق مستويات تعليمية أعلى، وبالتالي يعيق فكرة العمل لدى هذه الفئة، ويؤدي ذلك إلى عدم الاستقرار المادي، لذا فالزواج المبكر والفقر مشكلتان متلازمتان.
• انتشار العنف الأسري: عادة ما يكون الزواج المبكر بين شخصين بينهما فجوة ناتجة عن الفرق الكبير في السن، مما يسبب أزمة في العلاقة الزوجية، وينشأ من هنا العنف الأسري، حيث تشير الدراسات إلى أن 50% من الفتيات اللاتي تزوجن دون سن الثامنة عشر يتعرضن للعنف البدني والجنسي من قبل الزوج.

الآثار النفسية للزواج المبكر

هناك الكثير من الأضرار النفسية للزواج المبكر، من أهمها ما يلي:^[٤]

• حرمان القاصر من الحنان العاطفي من الوالدين ومرحلة الطفولة السوية.
• تعرّض القاصر لضغوط تؤدي إلى أمراض نفسية مثل؛ الهستيريا، والفصام، والاكتئاب، والقلق.
• اضطرابات شخصية، واضطرابات في العلاقة الجنسية بين الزوجين؛ وذلك بفعل عدم إدراك الطفلة القاصر لطبيعة العلاقة.
• اضطرابات عدم التكيّف جرّاء المشاكل الزوجية، وعدم تفهم الزوجة لما يعنيه الزواج ومسؤولية الأسرة.
• الإدمان نتيجة لكثرة الضغوط كنوع من أنواع الهروب.

الآثار الصحية للزواج المبكر

هناك الكثير من الآثار الصحية المترتبة على الزواج المبكر، وخصوصاً على الفتيات، من أهمها ما يلي:^[٤]

• اضطرابات الدورة الشهرية، وتأخر الحمل، والكثير من الآثار الجسدية على الأعضاء التناسلية نتيجة العنف الجنسي.
• عدم تأقلم الرحم مع الحمل، مما يؤدي إلى حدوث انقباضات رحمية متكررة قد تؤدي إلى نزيف مهبلي، أو ولادة مبكرة.
• ازدياد نسبة الإصابة بهشاشة العظام، وفي سنّ مبكرة نتيجة نقص الكلس.
• حالات القيء المستمر المرافق لحدوث الحمل، وفقر الدم، ومشاكل التغذية، والافتقار للرعاية الصحية، مما يؤدي كثيراً إلى الإجهاض.
• ارتفاع حاد في ضغط الدم، مما يؤدي إلى فشل كلوي ونزيف.
• زيادة العمليات القيصرية نتيجة تعسر الولادات، وارتفاع نسبة الوفيات جرّاء المضاعفات المختلفة مع الحمل.
• ظهور تشوهات عظمية في الحوض والعمود الفقري بسبب الحمل المبكر.

طرق الحدّ من الزواج المبكر

هناك العديد من الآليات للحدّ من الزواج المبكر، نذكر منها التالي:^[٥]

• ضرورة الحفاظ على تماسك الأسرة؛ إذ كلما كانت الأسرة متكاملة ومترابطة كان ذلك عاملاً مساعداً في الحدّ من مشكلة زواج الأطفال في سنّ مبكرة.
• إقرار نصوص وتشريعات قانونية تشترط سنّ الزواج بعد البلوغ والنضج الجسدي والعقلي، وليس مجرد تحديد سنّ بصورة عشوائية، ولا سيما وأن مستوى نضج الفتيان والفتيات يختلف بحسب البيئة التي يعيشون فيها.
• إقامة ورش عمل تخص مشاكل الزواج المبكر، ويشارك فيها مختصون في علم الاجتماع وعلم النفس لمعرفة الأسباب الرئيسية التي تساهم في انتشار الزواج المبكر.
• إنشاء مراكز توعوية للمقبلين على الزواج بدعم من منظمات المجتمع المدني، إذ يكون هدفها تبني مثل هذه الحالات، بحيث تعرف هذه المراكز مشاكل الشباب في هذه السن الحرجة، وإيجاد فرص عمل لهم، وتوعيتهم قبل الزواج على أهمية الأسرة، وتقدير الزوجة واحترامها، وتوفير سبل العيش المناسبة لها قبل إقرار في الزواج، أما بالنسبة إلى الفتيات في سنّ مبكرة أيضاً فلا بد من توعيتها بكون الزواج مسؤولية تحتاج وعيًا لإنشاء أسرة مبنية على الاحترام، وتوعيتها بعدم الاستعجال كذلك في الزواج.

السنّ المثالي للزواج 

السن المثالي للزواج بالنسبة للرجل

بحسب العديد من الدراسات التي أجريت لمعرفة السن المثالي للزواج بالنسبة للرجل، خلصت النتائج إلى أن نهاية العشرينات ومطلع الثلاثينات هو العمر الأنسب لزواج الرجل، حيث لوحظ أن نسبة الطلاق لهذه الفئة العمرية قليلة جداً إذا ما قورنت بالفئات العمرية الأصغر؛ ويعود السبب في ذلك أن عقلية الرجل وشخصيته تتغير وتنضج مع مرور الزمن.^[٦]

السن المثالي للزواج بالنسبة للمرأة

ترى وين كولينز "Weena Cullins" أخصائية الزواج والأسرة، والمتخصصة في استشارات ما قبل الزواج، أن أفضل سنّ للزواج بالنسبة للنساء هو 28 عاماً، حيث تبدي الفتيات في هذا العمر وعياً وثقة أكبر في اختيار شريك الحياة، إضافة إلى أنهن اكتسبن وقتاً وخبرة للاستقرار في مهنة أو خبرة ما، فأصبحن أكثر نضجاً.^[٧]